وطـــن أبي العــــلاء المَـعَــرّي -

" ما فيـــــه الــــدومَـــــري "

 

 

حــدثنا أبو يســار الدمشــقي قال :

عندما قرأت الأخبار في الصباح ، شَــعــَرْت بالإرتياح والإنشــراح ، وآمنت بالإنفــتـــاح . فقــد أصــدرَ عدنان عُـمران ، قراراً ســارت بذكــره الركبان ، من أصحاب المرسيدس وأصحاب البعران . قرر مع المسيو ميرو ، الحِــلاقــة لمجلة " الدومَري" على الزيرو . وعمران وزير الإعلام ، وخفير الرقابــة على الكــلام . مهمتــه الحفاظ على نقــاء الفكــر , والدفاع عن أولي الأمــر . شــعاره :
مَنْ حَـــرَكَ بَــرَكْ ، وَمَــن فتــــحَ فاه ، ثكِـــلَهُ أبواه .
لمَ لا وقــد عاش في لندن كســفير ، ورأى من مسـاويء الحــرية الكثير ، فتسلّمَ الإعلام كمنكرٍ ونكير ! وأدرك سيادته بنظره الثاقب ، أن الديموقراطيّــة تكشــف العيوب والمثالب ، وتفضَحُ الفاسِــدَ والناهِــب . وذلك يكشِـــف الأســرار القوميّــة ، ويَجُـــرّ الماء إلى طـواحين الصهيونيّة والإمبرياليــة !
ثم ماذا يُفيـــدُ المواطــن والبلاد ، حديث الإفك عن الفســاد ؟ فالحفـــاظ على هيبــة الدولــة ، لا يحتاج إلى سيف الدولة ، بل إلى " خنجــر الدولة " ‌ّ‌!
بعــد إغلاق مجلــة العلاكين ، وإنقاذ الشــعب من الدسّــاســين . تفرّغـــت قيادة حــزب القائــد ، لكشــف ما يُــدَبّــرُ للوطن من مكائـــد . واكتشف وزير الإعــلام ، حفظه الله ذخــراً للحكــام والظُـــلاّم وأبناء الحَــرام ، أن حرية الرأي والكــلام ، تورث وَجَـــعَ الرأس والزكام . ودرهــم قمْـــع هو الوقايــة والدواء ، وهو خير من قنطــار دسّ وافتراء ! ولذلك ارتأى حفظــه الله ، وغفر له بعــد أن يُتوفاه . أن إخــراسَ صــوت الصحــافة ، هو عيـن الحصــافة . ففي ظروف المعــركَــة ، لا مجــالَ للثرثرة والفذلَكَــة .
الناس على دين ملوكهم ، والوزراء على دين رئيسِــهم . وبلــدٌ يُـعَـــدّلُ فيــه الدســتور في دقائق معدودات ، يحتاج إلى وزراء من أصحاب الشــوالات .
ومعركتنا لتحرير الأندلس وفلسطين ولبنان ، واللواء السليب والجولان . تحتاج إلى حزب قائــد ، ورأي واحـــد ، وإعــلامٍ مَـــرِنٍ لا حاقــد . فتعَــــدّدُ الآراء ، هــو سَــــبَبُ البلاء . وعُمـــران جاء إلى الوزارة ، بالفهلوة والشــطارة . فهــو خير صــانع للجِـــرار ، ومن أرباب صــناعة الفخـــار . أتقن تركيب أذني الجــرة مــن قبــُلٍ ومن دُبــر ، ولله الأمــر !

وزفـــر أبو يســار ، قال إعلمــوا أيهــا السُـــمّار ، أنني طَـــوّفــتُ في الأمصــار ، ورافقت النصابين والشــطّــار . وبعــد عشــرين عاماً في الغــربة ، والتعتير
____________________
ـ كان لَقَـبُ رئيس الوزراء مصطفى ميرو عندما كان محافظ حلب : أبو شــوال ، زعموا أنه كان يملأ أكياس السكر " قَلَم أحمر " بملايين الليرات من الأتاوات ، والله أعلم !

والكُـــربَــة . رأيت أن ما حَــدَث ويحــدُث في وطن المخافر ، وما يصــدر فيه من مراسيمَ وأوامــر ، لم يحــدث في الزمن الغابر . فقلة الحــياء عندنا إنتاج بِكْــر ، وهي اختصاص لأولي النهي والأمــر . لكنني لا أتهم مولانا السلطان ، فيمــا جــناه ميرو وعمــران . فقد أخبرنا في خطاب القسَــم ، أن ليس لديه عصــاً سِــحرية يزيل بهـا هذا الوَخــم ، وتنهي ما نحن فيه من نِقــم . وهو في ذلك معــذور ، كما قال كاتب من الثغور . قال س . ع رضي الله عنه :
ـ لايســتطيع حاكم ، مهما كانت نيته حســنة ، أن يغيّرَ مثقال ذرة في نظام حكم ، مهما كان فاسداً ، إذا كان هذا النظام ، هو الذي جاء به إلى الحُكم !

في الشــام ، أيام منــع التجــول للأنام . كانوا يقولون :
ـ ليس في الشــارع الدومــري !

في هــذه الأيام العجـــاف ، يقول وزيرنا عدنان الصحــاف :
ـ ليس في الوطــن الدومــري !

وأنشَـــد :

وانقــر يا دَف على الطـــارة والدولـــة كثير محتـــارة
ما بين مانديــلا وموبوتـــــو محتـــارة كثير محتـــارة!